* كان الله في عون اللاعبين اليوم. الأزمة أصبحت مستحكمة. والخطأ الواحد يكلف الشعب بالكامل الكثير. ويضيع حلم الملايين. ويحطم آمال الجماهير التي عاشت فرحة الانتصار بعد الفوز علي الجزائر بالقاهرة!!
ياخوفي من هذا الشعور. لأن الاحساس بالاحباط يحطم المعنويات بشكل قاتل. وهذا ما حدث لبعض الجزائريين المتعصبين الذين سقطوا بأزمة قلبية مفاجئة بعد هدف عماد متعب في القاهرة.
المهم أن لقاء اليوم الذي ينتظره العالم كله باعتباره آخر جولات تصفيات كأس العالم.. من أصعب اللقاءات الكروية لأنه تحول من مجرد مباراة.. إلي حرب أشعلها الإعلام وانعكست علي جماهير الشعبين. فتحول الإخوة في الجزائر إلي جلادين يجلدون كل من يحمل هوية مصرية هناك.. طاردوهم. حطموا ممتلكاتهم وحرقوا سياراتهم.. وخربوا شركاتهم.. حتي هرب المصريون وعادوا إلي القاهرة إنقاذا لأرواحهم من موت محقق!!
هكذا حولت جريدة الشروق الجزائرية المباراة إلي حرب. صورت للجزائريين أن المصريين قتلوهم في القاهرة. فبركوا الصور لقتلي جزائريين وكتبوا تحتها.. الجزائريون في التابوت الفرعوني!!
هل هذا إعلام القرن الواحد والعشرين؟!!
الإعلام الحقيقي له رسالة يوجهها. وتلك الرسالة يستطيع كاتبها أن يحولها إلي سلاح قاتل يقتل من يحمله أو من يواجهه.. وهكذا جريدة الشروق التي أشعلت النار من قبل أن يلعب فريق الجزائر الشقيق في القاهرة.. أشعلت فتيل الحرب بين الشعبين. أثارت الفتنة بين الجميع حتي جاء الجمهور الجزائري متحمساً. صورت اللاعبين والجهاز الفني في أشكال السيدات وعرائس ليلة الدخلة!!
هل هذا الإعلام يوجه أم يغتال. يهدئ أم يشعل فتيل الانفجار بين شعبين شقيقين!!
* أتعجب والله لوزارة الإعلام الجزائرية التي تقرأ وتتلذذ من الأكاذيب دون أن تحرك ساكناً!!.. تعرف أن ما ينشر كله من باب التزوير والتلفيق والإثارة ثم تكذب ما ينشر.. دون أن تتخذ أي قرار!! العجيب أن المسئولين في الجزائر كذبوا ما نشرته جريدة "السقوط" أي الشروق عن مقتل خمسة جزائريين في القاهرة.. والاعتداء علي سياراتهم بعد المباراة.. لكن العجيب أن هذا الخبر التصحيح لم ينشر في صحف الجزائر رغم إذاعته في التليفزيون وفي كل وكالات الأنباء العالمية وهو لدي الخارجية المصرية.
إعلام أسود
* ما هذا الإعلام الأصفر الملون بألوان الدم؟! أثار الجميع وفرض الوقيعة علي الشعبين.. ثم يتحدثون عن الريادة الإعلامية وفن الكتابة ومعني الكلمة.. وهم أبعد ما يكونون عن معني الصدق أو الشفافية!!.. وها هي الحالة الآن.. احتقان ما بعده احتقان.. حرب لا تنتهي وسوف تستمر لسنوات وسنوات. وكان الله في عون أي فريق للأندية من البلدين سيلعب في البلد الآخر.. والجمهور معذور.. لأنه المتلقي الذي يتم توجيهه بالكلمة مهما كانت صادقة أو كاذبة.. لأن سيكولوجية التجمهر في سرعة الاندفاع التي توازي قوة المؤثر الخارجي سواء كانت كلمة أو صورة.. وشروق أو قل غروب الجزائر.. كانت بفبركتها للأحداث.. أكبر مؤثر علي الجانبين المصري والجزائري. ففلت الزمام. وتحولت اللقاءات بين البلدين إلي حرب لا تنتهي نتمني أن تمر آخر جولاتها اليوم بسلام في السودان الشقيق.. لأن هذا البلد الشقيق ليس له أي ذنب فيما يمكن أن يحدث من مشاكل واشتباكات. وتحطيم أتوبيسات من الإخوة الجزائريين الذين نكن لهم كل احترام وحب. ونحملهم في العين وعلي الرأس ولكن عندما تكون العلاقات سوية. وعندما تكون للنخوة العربية مكان بيننا. وعندما يكون الإعلام واعياً صادقاً معبراً عن الواقع.. وليس مثيراً يعتمد علي الفبركة والتلفيق!!
لا نرد علي الصغائر
* ونحن في مصر بقوة إعلامنا ومئات الصحف والمجلات التي تصدر يومياً نستطيع أن نغير الواقع ونزور الحقيقة أكثر منهم. فلدينا من القنوات الفضائية العامة والخاصة خمسون قناة. ولدينا ثلاثون إصداراً يومياً وخمسون إصداراً أسبوعياً.. نستطيع من خلالها أن نهدم المعبد الكروي في الجزائر.. لكن هل هذا يليق من شعب متحضر؟! هل هذا يليق من شقيق ضد شقيقه الذي شاركه الأكل والشراب وحمل السلاح في أطهر المعارك؟!
عيب.. والله عيب ما يحدث هناك في السودان الآن من تعد علي اللاعبين وعيب ما حدث في القاهرة من الجماهير.. مصرية أو جزائرية.. لكن العيب الأكبر ما حدث من جريدة "الغروب" الجزائرية.. ملوك الفبركة والفذلكة والتلفيق والصور المركبة.
الله لا يسامحهم بقدر ما تركوه وما صنعوه من أزمة وما افتعلوه من قضايا!!
* الله لا يسامحهم.. لأنهم هم القتلة الحقيقيون في تلك الأزمة.. وهم أصحاب المأساة وأصحاب الملهاة الإعلامية التي انساق وراءها جمهور الجزائر الذي تمرر به وسقط في بئر التعصب الدموي!!
* كل ما أطلبه فقط من اللاعبين الالتزام بقرارات الحكام مهما كانت.. أتركوا المدرجات ومن فيها لأنها ستشتعل ولا محالة!! لا تنظروا للجمهور ولا تسمعوا كلماته. سدوا آذانكم تماماً.. وكأنكم تلعبون في ملعب بلا جماهير.
يا لاعبي مصر والجزائر.. الفائز منكم سيمثل كل العرب وإفريقيا في المونديال.. وهذا هو الشرف والمكسب الحقيقي الثابت حتي الآن. دعونا نكون صورة طيبة للعرب.. كل العرب أمام العالم.
فإذا افترقنا. واقترفنا الخطأ أمام الكاميرات سيشمت فينا من يكرهون العرب والإسلام وما أكثرهم تلك السنوات.
* كونوا صورة طيبة لنا.. حتي ولو أخطأ الناقد أو الجريدة أو المشجع.. فلا تنساقوا خلفهم.. نريدها تظاهرة عربية جميلة علي أرض عربية محايدة.. واتركوا النتيجة لتعادل الأداء.. من يلعب أفضل ويستحق الفوز فليصعد للمونديال ومن يخسر ولم يحالفه التوفيق فليشد علي أيدي زميله ويهنئه ويقول شد حيلك في جنوب إفريقيا.. فنحن جميعاً وراءك!!
والله لا يسامحهم الذين حولوا شروق العرب إلي غروب وكسوف وخسوف كامل!!
يانجومنا.. السودان بلدكم.. ألعبوا. وتألقوا وفوزوا وقدموا الفوز لجمهورها العظيم!!
الأربعاء نوفمبر 18, 2009 2:27 pm
