هذه الدنيا كتاب أنت فيه الفكرُ هذه الدنيا ليال أنت فيها العمرُ
هذه الدنيا عيون أنت فيها البصرُ هذه الدنيا سماء أنت فيها القمرُ
هكذا هو محمد أبوتريكة في عيون و قلوب و عقول جماهير الكرة المصرية فلو تم التأريخ لكرة القدم المصرية في القرن الجديد لكانت موهبة و أخلاق و تواضع و شعبية هذا النجم هي مصدر الأفكار التي يستلهم منها المؤرخ حروف كتابه .
و لو نظر أي متابع لحاضرومستقبل كرة القدم المصرية فلابد أن يُبصر هذا النجم الفذ , الذي كان و لا زال و سيظل القمر الذي يُضيء سماء عشاق كرة القدم في مصر و أفريقيا و الوطن العربي.
في السابع من نوفمبر عام 1978 أبصر هذا النجم الأسطوري النور و لم يكن أحد يتوقع أن أبن قرية ناهيا ذو الجذور المصرية الطيبة البسيطة سيكون بعد ربع قرن من هذا التاريخ أحد العلامات المضيئة في تاريخ كرة القدم في قارة المواهب السمراء و أبرز و أشهر و أحب النجوم الذين لعبوا لمنتخب مصر و النادي الأهلي طوال التاريخ.
أبوتريكة الذي قال عنه موهوب الكرة الفرنسية تيري هنري أنه موهبة فذة و تعجب من عدم احترافه في أوربا ووصفه النجم المالي الكبير و زميل هنري في برشلونة سيدو كيتا بأنه موهبة ربانية و أن تدينه و قربه من ربة هو سر نجاحه و عندما سُأل قائد المنتخب الأمريكي دونوفان لاندون عن أياً من النجوم المصريين يعرف فأجاب علي الفور " أكيد أبوتريكة " و تمني أن يلعب يوماً بجواره , أبوتريكة هو أكثر لاعب مصري نال شهرة و اهتمام في العالم أجمع رغم أنه لم يترك مصر ليلعب محترفاً في أحد أندية القارة العجوز .
ولأنه نجم استثنائي فقد تعدت شهرته مجال كرة القدم و صار لدي الكثيرين رمز إنساني و قيمة قومية لأفعاله الخيرية العديدة ومواقفه الكثيرة المساندة لقضايا بلده ووطنه و لعل مهاجمة الإعلام العبري له في أكثر من مناسبة و الحب و الاحترام و التقدير الذي يجده فلسطين العربية بصفة خاصة و جميع المدن والعواصم العربية بصفة عامة كلها تؤكد أننا أمام ظاهرة فريدة من نوعها و شخصية غير عادية في تاريخ الرياضة العربية.
أبوتريكة الذي يملك في تاريخه الكروي 20 لقباً متنوعاً من نادية العملاق و منتخب بلده العريق حققها في ظرف خمس سنوات فقط ومعها العديد و العديد من الألقاب الفردية علي المستوي المحلي و العربي و الأفريقي و حتى العالمي يحتفل بيوم مولده هذا العام في ظروف مختلفة حيث يخوض النجم الكبير و زملاءه لقاء تاريخي ضد أشقاءهم الجزائريين بعد أسبوع و احد فقط من هذا التاريخ في الجولة السادسة و الأخيرة من منافسات المجموعة الثالثة للتصفيات و سيسعى محبوب الجماهير في البلدين العربيين الكبيرين إلي ترك بصمته في شباك الحارس جاواوي تماماً كما فعل في لقاء الذهاب في البليدة و سيحاول بكل قوة أن يزيد غلته من الأهداف في هذه التصفيات التي يتصدر خلالها قائمة هدافي المنتخب برصيد خمسة أهداف رغم أنه لعب أقل من نصف عدد المباريات ليصبح علي بعد ثلاثة أهداف من تحطيم الرقم القياسي لهدافي مصر في تصفيات المونديال علي مر تاريخها الذي يتصدره الآن حسام حسن و عمرو وزكي برصيد تسعة أهداف , كما أصبح أيضاَ علي بعد ثماني أهداف من دخول ناد المائة في الدوري المصري.
"الماجيكو" الذي لعب مباراة نجوم العالم لمكافحة الفقر في مدينة دسلدورف الألمانية في ديسمبر 2005 أصبح الواجهة المشرقة لكرة القدم المصرية و لا يوجد علي سطح الكرة الأرضية الآن أي متابع جيد للكرة العالمية لا يعرفه لم لا و هو الذي توج منتخب مصر بكأس الأمم الأفريقية في مناسبتين بهدف ركلة الجزاء في مرمي الإيفواري جان جاك تيزيه في العاشر من فبراير 2006 بملعب القاهرة و عاد في نفس التاريخ بعدها بعامين ليهز شباك الحارس الكاميروني لأسبانيول برشلونة الأسباني كارلوس كاميني بهدف التتويج ببطولة غانا 2008 و قبل ذلك هز قلوب و أفئدة ملايين المصريين و الأهلاوية بهدفه اليساري الأسطوري في مرمي حارس الصفا قصي التونسي أحمد الجواشي في نهائي دوري أبطال أفريقيا 2006 بالملعب الأولمبي بضاحية رادس التونسية و حتى اليابان و ملعبها الوطني في يوكوهاما كانا شاهدين علي معدنة الماسي و قدمه الذهبية التي هزت شباك الحارس المكسيكي جوليرمو أشوا بهدفين عندما توج فريق القرن بالمركز الثالث في مونديال الأندية عام 2006 و هو ذات المونديال الذي توج خلاله أمير القلوب بلقب هداف البطولة برصيد ثلاثة أهداف و ضاع منه لقب أحس لاعب في هذه النسخة لدواعي تسويقية.
في بداية أكتوبر الماضي و من بين أكثر من ألف لاعب في 82 دولة في كل قارات العالم و ضع موقع الإتحاد الدولي لكرة القدم ثلاثة من نجوم العالم تحت مجهر النجومية و تساءل عن قدرة هذا الثلاثي الفذ في تغيير المعطيات و منح بلدانهم أفضلية في المضي قُدماً نحو بلد الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا في الصيف القادم هؤلاء النجوم كانوا ليونيل ميسي الأرجنتيني و كريستيانو رونالدو البرتغالي و محمد أبوتريكة المصري , و إذا كان نجم البارسا قد نجح في قيادة منتخب التانجو نحو المونديال بعد فوزه بقيادة مارادونا علي أورجواي, فإن نجمي ناديا القرن في أوربا و أفريقيا ينتظران لقاءي بلديهما ضد البوسنة في الملحق الأوربي بالنسبة لرونالدو والجزائر في المرحلة السادسة للمجموعة الأفريقية الثالثة بالنسبة لأبوتريكة ليساهما في تواجد المنتخبين الكبيرين مع كبار العالم 2010 .
الآن لو تكلم أبوتريكة في هذا الشهر وفي هذه المناسبة عن الغد القريب و المجد الذي ينتظره مع زملاءه لو تمكنوا من بلوغ النهائيات العالمية بعد العودة من بعيد لقال كما قالت السيدة أم كلثوم في نهاية رائعة الشاعر العربي الكبير الهادي أدم:
وغداً تأتلف الجنة أنهاراً وظلا
وغداً ننسى فلا نأسى على ماضٍ تولّى
وغداً نزهو فلا نعرف للغيب محلا
وغداً للحاضر الزاهر نحيا ليس إلا
قد يكون الغيب حلواً .. إنما الحاضر أحلى