حافلات ترشق بالحجارة، ولاعبون لم يتعد الواحد منهم 18 عاما "نازلين في
بعض ضرب"، وشماريخ "تولع" الاستاد لمجرد تسجيل هدف .. هذا هو مفهوم
الإثارة والتنافس الشيق في الكرة المصرية. سطوة الأهلي علي بطولة الدوري في السنوات الماضية جعلت بعض الجماهير
الحمراء تتمني تقدم الفرق الأخري حتي تنعم المسابقة المحلية الكبري ببعض
"الإثارة".ولكني أفضل أن يبقي الحال كما هو عليه أو ان يحل فريق آخر محل الأهلي ويفوز
بالدوري قبل نهايته بـ15 أسبوعا لتفادي الكوارث التي نفتعلها باسم
المنافسة.فما يحدث في ملاعبنا وخارجها يجعلني علي يقين أن سلوك الكثير من مشجعي
الكرة في مصر أصبح خارجا عن السيطرة بعد أن تحولت "الرياضة" الشعبية الأولي
إلي القضية الشعبية الأولي لدي العديد من المواطنين الذين يعتبرون الكرة
منفذا لطاقة الغضب بداخلهم.فبصرف النظر عن الانتماء، أصبح العنف والرغبة في التعبير عن الغضب سمة
أساسية عند الكثيرين وهذا ما أثبتته بعض الأحداث المتناثرة في الأشهر
الماضية.لن أتطرق لموضوع رشق حافلة الجزائر مجددا، وسأكتفي بسرد أمثلة من الأحداث
المؤسفة التي تظهر في ملاعبنا وخارجها مع أدني درجات المنافسة بين الأندية,
والمؤسف أن تلك الأحداث قد تمر مرور الكرام عند الغالبية العظمي.الزمالك وبتروجيتمباراة في الأسبوع الـ19، أي سيأتي بعدها 11 أسبوعا في الموسم، وبين فريقين
قلما كان بينهما أي عداوة، فما سبب كل هذا الصخب؟بمجرد أن سجل الفريق الضيف هدف الفوز، "ولع" ملعب بتروجيت بسبب الشماريخ
التي لم يكتف جمهور الزمالك بإشعالها بل وقاموا بإلقائها علي "الترتان"
سريع الاشتعال .. ما علينا، بتحصل في أوروبا (يعني نقلدهم حتي لو كانوا
مجانين)!!فاز الزمالك وانتهت المباراة ولكن جمهور بتروجيت(الذي يمتلك قاعدة جماهيرية
غفيرة طبعا) ألقى الحجارة علي حافلة الفريق الأبيض، فقامت مجلس إدارة
الزمالك بالتنديد "بأحداث السودان" .. عفوا "أحداث السويس".رد هاني العقبي مساعد مدرب بتروجيت كان لاذعا إذ اتهم الإدارة البيضاء
بتضخيم الأمور وأكد أن الاعتداء لم يتعد "طوبتين".وأنا مع العقبي، ما حدث في السويس لا يقارن بما حدث في القاهرة من قلة من
جمهور الزمالك .. ولكن سؤالي له: هل إلقاء طوبتين مش عيب؟!!مع اعتراضي علي وجهة نظر العقبي في نقطة "الطوبتين" تحديدا، إلا أن الرجل
المحترم له كل الحق أن يغضب بعدما حدث لفريقه من جانب الجماهير البيضاء في
القاهرة بعد المباراة الأولي من حصار للاعبين وتحطيم لسياراتهم ورشق حافلة
المشجعين! وهذا ما أوضحه بعد مباراة الأحد.كل هذا والمنافسة لم تتعد كونها مباراة هامة في مرحلة غير حاسمة من عمر
الدوري.مستقبل الكرة المصريةفي مباريات الأهلي والزمالك في دوري القطاعات تحت 18سنة من المفترض أن يحوي
الملعب عددا لا بأس به من اللاعبين الذين يحملون علي عاتقهم تمثيل مصر في
المستقبل لأنها مواجهة بين الأفضل في هذه المرحلة السنية ولذا يطلق عليها
"قمة الشباب".لكن قمة الشباب تحولت إلي ساحة للقتال وحدث ما حدث من شغب داخل وخارج ملعب
حلمي زامورا، كل هذا في وجود قوات الأمن المركزي.والسؤال، لماذا وصل بنا الحال أن نستعين "بقوات خاصة من مديرية أمن الجيزة"
في مباراة لشباب لم يتعد الواحد منهم 18 عاما!! و"يا ريته نفع".وبالتأكيد فإن هذا له تأثير مباشر علي اللاعب الشاب الذي يصعد في هذه
الأجواء المتوترة، وهذا يوضح الفارق الشاسع بيننا وإنجلترا مثلا إذ لا يوجد
فاصل بين الجماهير واللاعبين كما نري حتي في أشد المباريات منافسة.في حب مصر!مثال أخير مر عليه بعض الوقت ولكنه أيضا يندرج تحت مصيبة التعصب الأعمي
التي مُنيت بها الكرة المصرية مؤخرا هو مباراة الأهلي والإسماعيلي التي
انتهت بالتعادل 1-1 في الإسماعيلية والتي كانت تحت شعار "في حب مصر".في حب مصر تم ضرب أوتوبيس لاعبي الاهلي بالحجارة بعد المباراة وكأن رشق
الأوتوبيسات أصبح "موضة" عند بعض "العواطلية".قد يري البعض أن هذا الحدث طفيف وأنا أوافقه الرأي، ولكن عندما يحدث في
مباراة تحت رعاية نجل الرئيس وفي مباراة عادية جدا في بداية الموسم، فإنه
بالطبع ينبئ بكارثة إذا زادت الأهمية.أكرر، كل هذا يحدث بسبب أدني درجات المنافسة ولا أعلم كيف سيكون الحال
عندما يتنافس فريقان منافسة حقيقية علي لقب محلي في مصر.هل سيصبح الأمن المركزي جزء أساسيا من الرياضة في مصر كما رأينا في
المباراة الفاصلة بين الأهلي والإسماعيلي العام الماضي؟ ومتي يمر أسبوع واحد دون أن نرى عقوبات مالية من لجنة المسابقات علي
الأندية بسبب الشغب الجماهيري؟ ومتي ستعرف الكرة المصرية معنى التنافس
الشريف؟ملحوظة: أرجو من الجميع قراءة المقال بالكامل لأنه من غير العادل أن يدعي
البعض أني أهلاوي اتمني فوز الأهلي بلا منافسة, فهذا ليس القصد
إطلاقا...هذه مجرد كناية تعبر عن المقصد.