لا يختلف مشهد تلاميذ المدارس وهم يحملون حقائبهم المدرسية، التي يفوق وزنها أحيانا وزن الطفل، بين دولة وأخرى، فالمشكلة هي نفسها ترافق هؤلاء طوال أكثر من 15 عاما يعانون خلالها ثقل الحقيبة وما تحويه من كتب مكدسة.
هذه المعاناة التي تلقي بظلالها على صحة التلميذ، يشكو منها الأهل بشكل دائم نظرا لكثرة الكتب من ناحية وعدم تنظيم البرامج الدراسية من ناحية أخرى.
خصوصا في الصفوف الأولى حين تكون المواد عامة في ما يتعلق بتقسيمها في البرنامج الأسبوعي كالفرنسية والانجليزية والعربية مثلا، والتي يتفرع كل منها الى ثلاث مواد أو أكثر، وذلك لأن المعلمة في هذه المرحلة تشرح الدروس وفقا لما تجده مناسبا مع السياق العام الذي تعمل على اساسه.
وتكون النتيجة أن يتعين على التلميذ أن يحمل معظم كتبه، التي يبلغ وزنها في الصف الثاني الابتدائي مثلا حوالي 7 أو 8 كيلوغرامات.
ولا يختلف الأمر كثيرا في الصفوف المتقدمة، لا سيما أن أوزان الكتب بحد ذاتها وأحجامها تزداد يوما بعد يوم، فكيف اذا اجتمعت كلها في محفظة واحدة، لذا نرى هؤلاء يحملون بعض كتبهم بأيديهم بهدف تخفيف الحمل عن ظهورهم.
وفي هذا الاطار أصدرت الجمعية الأميركية للعلاج الطبيعي اعلانا حذرت فيه من حمل الحقائب المدرسية بشكل خاطئ، خصوصا الثقيلة منها التي تجعل الأطفال عرضة بشكل متزايد لإصابات الظهر والاجهاد العضلي.
كما أظهرت النتائج ان التغيرات غير الصحية في وضع الجسم تتعاظم اذا كان وزن الحقيبة التي تحمل على الظهر يزيد على 10 حتى 15 في المائة من وزن جسم التلميذ وأوصت الجمعية بأن يكون وزن الحقيبة المدرسية دون هذه النسبة.
وحذرت ماري آن ويلمارث اختصاصية العلاج الطبيعي في البيان الذي أصدرته الجمعية من أن الاصابات قد تحدث حين يلجأ الطفل الذي يحمل حقيبة ظهر ثقيلة الى تقويس الظهر والانحناء الى الامام والالتواء أو الميل الى أحد الجانبين.
وبحسب الجمعية فإن التغيرات في وضع الجسم يمكن ان تتسبب في خلل في العمود الفقري، كما تتسبب حقيبة الظهر الثقيلة أيضا في جعل العضلات تعمل بشكل أكثر قسوة مما يؤدي الى اصابتها بالتوتر والاجهاد وجعل العنق والكتفين والظهر أكثر عرضة للاصابة.
وخلصت ويلمارث في دراستها الى ان طلاب الجامعات ليسوا بمنأى عن الاصابة ذات الصلة بحمل حقائب الظهر موضحة انهم يكونون عرضة لذلك حين يحملونها بشكل خاطئ.
وتقدم الجمعية الاميركية للعلاج الطبيعي بعض الافكار المفيدة لحمل حقيبة الظهر بشكل آمن، وأهمها استخدام حزامي الحقيبة معا وتشير الى أن تعليق حقيبة الظهر في كتف واحد باستخدام حزام واحد يجعل جانبا واحدا من الجسم يتحمل وطأة الوزن، لذا فإن وضع الحزامين على الكتفين يجعل وضع الجسم أكثر سلامة وتوازنا.
كذلك يجب وضع حقيبة الظهر فوق عضلات منتصف الظهر وتركيزها بشكل متساو عند منتصف الظهر بعد شد الاحزمة بحيث لا تصل الحقيبة الى تحت الظهر.
وترى دراسات ويلمارث ان حقائب الظهر ذات العجلات خيار جيد للتلاميذ الصغار الذين لا يحتاجون الى صعود الدرج ونزوله بشكل متكرر.
ومع ذلك فهناك اجراءات وقائية يتعين أخذها في الاعتبار مع استخدام حقائب الظهر ذات العجلات أيضا، فعلى سبيل المثال يجب ان يكون المقبض الذي يمسكها به الطفل طويلا بدرجة كافية حتى لا يضطر الى الالتواء أو الانحناء وان تكون العجلات كبيرة على نحو كاف حتى لا تهتز الحقيبة أو تنقلب.
وفي حين يجمع عدد كبير من الأطباء في لبنان على أن الحقيبة الثقيلة هي كأي حمل ثقيل يؤثر على صحة الانسان، وأنه من الطبيعي أن يشعر حاملها بوجع في الظهر قد يظهر في الأمد القريب أو البعيد بحسب بنية الولد وقدرته على التحمل.
لكن الى الآن لم تظهر آثار أخرى من الممكن الاعتماد عليها في اثبات ما تقوله الدراسات العلمية، وإن كانت هناك دراسة اجرتها كلية الصيدلة في لبنان قبل حوالي السنتين تقريبا أثبتت أن 57 في المائة من تلاميذ المدارس يعانون آلاما في الظهر والكتف والرقبة نتيجة وزن المحفظة الثقيل.
كما أن 85 في المائة منهم يجدون صعوبة في حمل الحقيبة و12 في المائة هي نسبة الذين يعانون آلاما دائمة بسبب وزن الحقيبة المرتفع.